responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 32  صفحه : 349
وَالسَّلَامُ بِمَاذَا تُفَضَّلُ؟ فَقَالَ: تَبًّا لِهَذَا الدِّينِ يَسْتَوِي فِيهِ أَنَا وَغَيْرِي
وَرَابِعُهَا: كَانَ إِذَا وَفَدَ عَلَى النَّبِيِّ وَفْدٌ سَأَلُوا عَمَّهُ عَنْهُ وَقَالُوا: أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ فَيَقُولُ لَهُمْ: إِنَّهُ سَاحِرٌ فَيَرْجِعُونَ عَنْهُ وَلَا يَلْقَوْنَهُ، فَأَتَاهُ وَفْدٌ فَقَالَ لَهُمْ مِثْلَ ذَلِكَ فَقَالُوا: لَا نَنْصَرِفُ حَتَّى نَرَاهُ فَقَالَ: إِنَّا لَمْ نَزَلْ نُعَالِجُهُ مِنَ الْجُنُونِ فَتَبًّا لَهُ وَتَعْسًا، فَأُخْبِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ فَحَزِنَ وَنَزَلَتِ السورة.

[سورة المسد (111) : آية 1]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1)
اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ: تَبَّتْ فِيهِ أَقَاوِيلُ أَحَدُهَا: التَّبَابُ الْهَلَاكُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ شَابَّةٌ أَمْ تَابَّةٌ أَيْ هَالِكَةٌ مِنَ الْهَرَمِ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبابٍ [غَافِرٍ: 37] أَيْ فِي هَلَاكٍ، وَالَّذِي يُقَرِّرُ ذَلِكَ أَنَّ الْأَعْرَابِيَّ لَمَّا وَاقَعَ أَهْلَهُ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ قَالَ: هَلَكْتُ وَأَهْلَكْتُ، ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مَا أَنْكَرَ ذَلِكَ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ صَادِقًا فِي ذَلِكَ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْعَمَلَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ دَاخِلًا فِي الْإِيمَانِ، أَوْ إِنْ كَانَ دَاخِلًا لَكِنَّهُ أَضْعَفُ أَجْزَائِهِ، فَإِذَا كَانَ بِتَرْكِ الْعَمَلِ حَصَلَ الْهَلَاكُ، فَفِي حَقِّ أَبِي لَهَبٍ حَصَلَ تَرْكُ الِاعْتِقَادِ وَالْقَوْلِ وَالْعَمَلِ، وَحَصَلَ وُجُودُ الِاعْتِقَادِ الْبَاطِلِ وَالْقَوْلِ الْبَاطِلِ وَالْعَمَلِ الْبَاطِلِ، فَكَيْفَ يُعْقَلُ أَنْ لَا يَحْصُلَ مَعْنَى الْهَلَاكِ، فَلِهَذَا قَالَ: تَبَّتْ وَثَانِيهَا: تَبَّتْ خَسِرَتْ، وَالتَّبَابُ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُفْضِي إِلَى الْهَلَاكِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَما زادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ [هُودٍ:
101] أَيْ تَخْسِيرٍ بِدَلِيلِ أَنَّهُ قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخر: غَيْرَ تَخْسِيرٍ [هود: 63] وَثَالِثُهَا: تَبَّتْ خَابَتْ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لِأَنَّهُ كَانَ يَدْفَعُ الْقَوْمَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ: إِنَّهُ سَاحِرٌ، فَيَنْصَرِفُونَ عَنْهُ قَبْلَ لِقَائِهِ لِأَنَّهُ كَانَ شَيْخَ الْقَبِيلَةِ وَكَانَ لَهُ كَالْأَبِ فَكَانَ لَا يُتَّهَمُ، فَلَمَّا نَزَلَتِ السُّورَةُ وَسَمِعَ بِهَا غَضِبَ وَأَظْهَرَ الْعَدَاوَةَ الشَّدِيدَةَ فَصَارَ مُتَّهَمًا فَلَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي الرَّسُولِ بَعْدَ ذَلِكَ، فَكَأَنَّهُ خَابَ سَعْيُهُ وَبَطَلَ غَرَضُهُ، وَلَعَلَّهُ إِنَّمَا ذَكَرَ الْيَدَ لِأَنَّهُ كَانَ يَضْرِبُ بِيَدِهِ عَلَى كَتِفِ الْوَافِدِ عَلَيْهِ فَيَقُولُ: انْصَرِفْ رَاشِدًا فَإِنَّهُ مَجْنُونٌ، فَإِنَّ الْمُعْتَادَ أَنَّ مَنْ يَصْرِفُ إِنْسَانًا عَنْ مَوْضِعٍ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى كَتِفِهِ وَدَفَعَهُ عَنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَرَابِعُهَا: عَنْ عَطَاءٍ تَبَّتْ أَيْ غَلَبَتْ لِأَنَّهُ كَانَ يَعْتَقِدُ أَنَّ يَدَهُ هِيَ الْعُلْيَا وَأَنَّهُ يُخْرِجُهُ مِنْ مَكَّةَ وَيُذِلُّهُ وَيَغْلِبُ عَلَيْهِ وَخَامِسُهَا عَنِ ابْنِ وَثَّابٍ صَفِرَتْ يَدَاهُ عَلَى كُلِّ خَيْرٍ، وَإِنْ قِيلَ: مَا فَائِدَةُ ذِكْرِ الْيَدِ؟ قلنا: فيه وجوه أحدها: ما يرى أَنَّهُ أَخَذَ حَجَرًا لِيَرْمِيَ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ،
رُوِيَ عَنْ طَارِقٍ الْمُحَارِبِيِّ أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في السُّوقِ يَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ قُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ تُفْلِحُوا، وَرَجُلٌ خَلْفَهُ يَرْمِيهِ بالحجارة وقد أدمى عقبيه، / لَا تُطِيعُوهُ فَإِنَّهُ كَذَّابٌ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالُوا: مُحَمَّدٌ وَعَمُّهُ أَبُو لَهَبٍ
: وَثَانِيهَا: الْمُرَادُ مِنَ الْيَدَيْنِ الْجُمْلَةُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى:
ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ [الْحَجِّ: 10] وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: يَدَاكَ أَوْكَتَا، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا [يس: 71] وَهَذَا التَّأْوِيلُ مُتَأَكَّدٌ بِقَوْلِهِ: وَتَبَّ وَثَالِثُهَا: تَبَّتْ يَدَاهُ أَيْ دِينُهُ وَدُنْيَاهُ، أُولَاهُ وَعُقْبَاهُ، أَوْ لِأَنَّ بِإِحْدَى الْيَدَيْنِ تُجَرُّ الْمَنْفَعَةُ، وَبِالْأُخْرَى تُدْفَعُ الْمَضَرَّةُ، أَوْ لِأَنَّ الْيُمْنَى سِلَاحٌ وَالْأُخْرَى جُنَّةٌ وَرَابِعُهَا:
رُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا دَعَاهُ نَهَارًا فأبى، فَلَمَّا جَنَّ اللَّيْلُ ذَهَبَ إِلَى دَارِهِ مَسْتَنًّا بِسُنَّةِ نُوحٍ لِيَدْعُوَهُ لَيْلًا كَمَا دَعَاهُ نَهَارًا، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ لَهُ:
جِئْتَنِي مُعْتَذِرًا فَجَلَسَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَمَامَهُ كَالْمُحْتَاجِ، وَجَعَلَ يَدْعُوهُ إِلَى الْإِسْلَامِ وَقَالَ: إِنْ كَانَ يَمْنَعُكَ الْعَارُ فَأَجِبْنِي فِي هَذَا الْوَقْتِ وَاسْكُتْ، فَقَالَ: لَا أُومِنُ بِكَ حَتَّى يُؤْمِنَ بِكَ هَذَا الْجَدْيُ، فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِلْجَدْيِ: مَنْ أَنَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ وَأَطْلَقَ لِسَانَهُ يُثْنِي عَلَيْهِ، فَاسْتَوْلَى الْحَسَدُ عَلَى أَبِي لَهَبٍ، فَأَخَذَ يَدَيِ الْجَدْيِ وَمَزَّقَهُ وَقَالَ: تَبًّا لَكَ أَثَّرَ فِيكَ السِّحْرُ، فَقَالَ الْجَدْيُ: بَلْ تَبًّا لَكَ، فَنَزَلَتِ السُّورَةُ عَلَى وَفْقِ ذَلِكَ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ لِتَمْزِيقِهِ يَدَيِ الْجَدْيِ
وَخَامِسُهَا:
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: يُرْوَى أَنَّ أَبَا لَهَبٍ كَانَ يَقُولُ: يَعِدُنِي مُحَمَّدٌ أَشْيَاءَ، لَا

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 32  صفحه : 349
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست